بعد أن لا ينفع الندم

لو تعاملنا من منطلق ديني بتأدية الأمانة، ثم منطلق وطني بحفظ المال العام والتوفير على الوطن اقتصاديا، ومنطلق إنساني بحماية الناس على أساس أن الوقاية خير من العلاج، فسوف نجد لزاما على كثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة أن تغير من سياساتها وأساليبها في التعامل مع أخطائها وسلبياتها، التي تكلف الوطن والمواطن أعباء كبيرة على المدى القصير والطويل، تفوق بكثير ما يتصوره من يتعامل مع قصور وزارته بشكل آني وأناني بتحجيم المشكلة والتقليل من شأنها أو نفيها بالكلية؛ لتتراكم بشكل يكلف الوطن والمواطن أرقاما فلكية ماديا ومعنويا وصحيا واجتماعيا.
بعض المسؤولين يروق له أن يستشهد بما يتعلق بتقصير المواطن، وينسبه إلى تكلفة مادية أو نفسية أو اجتماعية أو صحية، مثل الاستشهاد بالآثار الاقتصادية والاجتماعية لحوادث السيارات التي سببها عدم وعي السائق، أو التفحيط الذي سببه سوء التربية وإهمال المراهقين، وهذا كله استشهاد صحيح لا غبار عليه، ولكن طالما أن الفكرة موجودة ولم تغب عن ذهن وعقلية المسؤول فلماذا لا يطبقها على مسؤولياته هو وتقصيره نحوها، فمثلا تلوث مياه الشرب في أحياء من شمالي الرياض ببكتيريا القولون المعروفة بمهاجمتها للجهاز البولي، مؤدية إلى التهابات وتسمم قد يصل إلى الفشل الكلوي.. هذا الخطأ الفادح ستترتب عليه مشاكل صحية تكلفة علاجها عالية جدا، وإذا لم تعالج ــ وهذا وارد وواقعي ــ فإنها حتما ستؤدي إلى خسائر نفسية واجتماعية ومعنوية كان يمكن تلافيها. نفس الشيء يقال عن عجز وزارة التربية والتعليم عن متابعة منع المواد الضارة التي تسمى خطأ أغذية وهي سموم، مثل المواد الملونة والمحتوية على صبغات مسرطنة ومواد حافظة ضارة والبطاطس الصناعية «شبس» والفشفاش، والتي رغم منعها لا تزال تباع في مقاصف المدارس الأهلية والحكومية عيانا بيانا دون رادع، مع أنها تكلفنا ارتفاعا غير مبرر في أمراض الأطفال من السمنة المفرطة إلى السرطان، ألا يمكن للوزارة أن تسهم في منع هذا لو اجتهدت قليلا في رقابتها؟!. الرقابة على ملوثات البيئة من مصانع مجاورة لمساكن ومناطق تجمعات بشرية، والنفايات الطبية، وبحيرات الصرف، والمستنقعات، وأماكن توالد البعوض، والتساهل في دخول المواشي الموبوءة بالمتصدع أو الحمى القلاعية.. كلها جوانب إهمال لا يعلن إلا ما يقبض عليه منها، أما ما يدخل.. فالله وحده يعلم نسبته. التغاضي عن منع مشروبات ضارة بالصحة، مثل مشروبات ما يسمى مشروب القوة والطاقة وخلافها، والتي أجمعت كل لجان الدراسة على ضررها ولا تزال تباع وتنتشر الدعاية لها في كل مكان، أيضا إهمال مسببات الأمراض الفيروسية، مثل التهاب الكبد والإيدز.. كل ذلك يكلفنا خسائر فادحة في الأرواح والأموال. مشكلتنا أننا كنا نعالج النتائج الصحية لأشياء ضارة يمكن تلافيها بدرهم وقاية رقابية، وأصبحنا لا نعالج ولا نقي، وهذا نتائجه ستظهر بعد أن لا ينفع الندم.

رأي واحد على “بعد أن لا ينفع الندم

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

    اسمح لي اقتبس من مقالك هذه الجزئية :
    (( نفس الشيء يقال عن عجز وزارة التربية والتعليم عن متابعة منع المواد الضارة التي تسمى خطأ أغذية وهي سموم، مثل المواد الملونة والمحتوية على صبغات مسرطنة ومواد حافظة ضارة والبطاطس الصناعية «شبس» والفشفاش، والتي رغم منعها لا تزال تباع في مقاصف المدارس الأهلية والحكومية عيانا بيانا دون رادع، مع أنها تكلفنا ارتفاعا غير مبرر في أمراض الأطفال من السمنة المفرطة إلى السرطان، ألا يمكن للوزارة أن تسهم في منع هذا لو اجتهدت قليلا في رقابتها؟! )))

    اتذكر اني مرة ناقشت احد الاخوة المصريين في صيدلية عن المواد المضافة فأستخف بشأنها وقال انها مواد ملونة مسموح بها وكمياتها لا تضر !!

    فتذكرت كيف ان الطفل يجمعها تجميعا من المسمى ( فشفاش ) اصفر غروب الشمس E110 ويأخذه من المشروبات الغازية ميراندا حمضيات الخ ومن العلك !!!
    وعلى فترات متقاربة !!


    نأتي ال أمر آخر وهو اني لاحظت ان العمالة البنقالية تحضر الفشفاش وما في حكمه قبيل صلاة العشاء للمدارس !( شهدت بعيني هذا في مدرسة العلاء ابن الحضرمي بالملز ) ويستلمها عامل نظافة المدرسة !!
    اتدري لماذا ؟
    لأنها حصيلة مشتروات العمالة من البطحاء من دورانهم على المحلات عصرا لشراء تلك التي اوشكت على نهاية تاريخها بنصف السعر !
    ونعلم ان المقصف اصلا يبيع بضعف السعر!

    وهذا باب من ابواب الثراء على حسابنا وصحةابناءنا !

    اخي
    الوزارة ليست عاجزة ولكنها ساكتة فقط
    لأن العجز يكون كليا
    بينما هم لا يعجزون عن ظلم مدرسة او مدرسة لو ارادوا !

اترك رد