يأتي الإنسان للمستشفى بحثاُ عن الشفاء ومن هنا جاء اسم (مستشفى) من الاستشفاء وأمل الخلاص من المرض، لا يمكن للمستشفى أن يتحول إلى (أداة) موت إلا إذا ساءت إدارته وعم فيه التهاون، يمكن أن نقبل تجاوزاً وصف المستشفي بـ(مكان) الموت لأن الموت يحدث فيه لعدد من الناس جاءوا إليه للاستشفاء من مرض لا يرجى شفاءه فيموتون فيه لأنه معقل أخر محاولة للتشبث بالحياة يحاولها مسن أو مصاب بمرض عضال أو ضحية حادث خطير.
المستشفى يمكن أن يكون (مكان) موت لكنه لا يصبح (أداة) موت إذا اتخذت كل أسباب الحرص والاحتياط ومحاربة الإهمال وخلاف ذلك فلا غرابة أن يتحول إلى مقبرة تقطف فيها الزهور مثل رزان وجوزاء وسولاف وقائمة لا تنتهي ولن تنتهي طالما أننا أمام وزارة تدافع عن الأخطاء الطبية باستماتة ووزير يوجد للطبيب المهمل عذر المضاعفات وللطبيب المخالف أهش القرارات ويقف في صف الطبيب ضد المريض بعقد ندوة تدافع عن الأخطاء الطبية!!.
المستشفى هو المكان الوحيد الذي يباح فيه الجرح والقطع والبتر وإخراج الدم وإدخال السم بجرعات علاجية إذا زادت قتلت، وهو المكان الوحيد الذي يباح فيه التعريض للإشعاع و(الكيماوي) وحقن المخدرات وتخدير الإنسان وإدخاله مرحلة أشبه بموت مؤقت، وهذا المكان الذي يباح فيه كل ما سبق له احتياطات وإجراءات دقيقة وحسابات غاية في الخطورة وآلات بالغة الدقة وجميع هذه العناصر يقوم عليها بشر يسمون الفريق الصحي والممارسين الصحيين لا يقل أي منهم أهمية عن الأخر ولا يجوز أن يشعر أحدهم أنه أهم من غيره، ولا أكثر حصانة من غيره ولا يجوز أن يشعر أياً منهم أن إهماله مقبول أو أن خطأه سيوارى أو أنه سيدافع عن إهماله في استخدام تلك العناصر المميتة وسوف تعقد له ندوات الدفاع عن الأخطاء الطبية أو المقارنات المغالطة مع دول أكثر تقدماً أو تحويل الإهمال إلى مضاعفة أمام قاضي فئة (أ) لا يستطيع أن يحكم إلا بناءً على معطيات ترده من الخصم دون تمثيل الضحية بمحامٍ مختص يعرف الفرق بين الإهمال والمضاعفة.
تلك العناصر الخطرة والفريق الصحي متعدد التخصصات لا ينفع أن يديره طبيب ولا بد أن تعطى قوس الإدارة لباريها وخبز الإدارة لخبازه وإلا فإن علينا أن نقبل الموت بنية الاستشفاء مثلما قبلنا تزييف الحقائق والتلاعب بالأرقام واختراق موقع ألاستفتاء!!.