أثبت أبناء هذا الوطن في أكثر من موقف وأكثر من مناسبة أن من يريد أن يعمل وينتج ويحقق النجاحات فإنه لا شيء يعيقه ولا يوجد ما يمنعه طالما توفرت لديه العزيمة وتوفر لديه الإخلاص والنية الصادقة والطاقة البدنية على العطاء والذهن والفكر المتألق والأمانة نحو إعطاء المسؤولية حقها.
لاحظوا أن عنصر المال الذي هو عنصر حيوي هام لم يرد ضمن تلك المتطلبات رغم أنه عنصر حيوي نحتاجه لشراء بعض المتطلبات لكنه يعجز ويعجز ويعجز ثلاثاً عن شراء الإخلاص والنية الصادقة والأمانة بل هو -أي المال- أحرى بأن يشتري كل شخص يخلو من هذه العناصر الثلاثة التي أساسها وازع ديني وإيمان.
ليس أبلغ من المثال لإيضاح ما نحاول قوله أو ادعاءه، فقد كنت أتجول في مشروع ضخم جبار عبارة عن متنزه كبير جداً في مدينة صغيرة نسبياً هي مدينة جلاجل في منطقة سدير، متنزه أنشئ حديثاً يسمونه متنزه الشلال لاحتوائه على شلال طبيعي المكان والمسقط، صناعي في مصدر الماء، تهبط منه المياه من ارتفاع شاهق كونته عوامل التعرية في جهة جبل معروف، ويحيط بالشلال مسطحات خضراء وحدائق غنّاء وأشجار كثيفة وجلسات مغطاة بمظلات (الفيبرجلاس) تتسع لأكثر من 2000 شخص ويعلو الجبل المرتفع مطلات شاهقة مظللة ويتوسط المتنزه نوافير يبلغ ارتفاعها 15 متراً وتتخلله ممرات للمشي مبلطة وتبلغ مساحته 100 ألف متر مربع مزينة بأشكال جمالية مبهرة وإضاءات ملونة وملاعب أطفال مخصصة لكل ركن في المتنزه ودورات مياه للرجال والنساء.
هذا المتنزه تشد له الرحال من المدن المجاورة وحتى من الرياض لجماله وتكامله ونظافته، فتوقعت أن هذا المشروع كلف عشرات الملايين إن لم تصل خانة المئات حسب مقياس مشاريع أخرى أقل منه بكثير، وصعقت حين علمت أنه أنشئ بجهد ذاتي من بلدية جلاجل وبتوفير من بند الصيانة خلال حوالى سنتين وبكلفة لا تصل لمليوني ريال.
بقدر ما أحزنني قطار جديد مكلف يتعطل وكراسي غسيل كلى صينية غير صالحة، خلال هذا الشهر سعدت كثيراً بأن ثمة رجالا تعمل وتنتج بدافع إخلاص وأمانة ونية صادقة.
الشهر: ماي 2012
«هييييه» مافيه أحد؟!
المسؤول عن هذه القضية هو الشركة التي جلبت هذه العمالة وأهملت حقوقها وهي الشركة المتعهدة بنظافة وصيانة المساجد، لكن وزارة الشؤون الإسلامية هي الطرف الحكومي الأول الذي يفترض أن يتجاوب مع ما كتب ويتحرك لإنصاف هؤلاء عن طريق مساءلة الشركة المتعاقد معها والضغط عليها لصرف مستحقاتهم أو تطبيق الأوامر الصادرة منذ عدة سنوات باقتطاع مستحقات هؤلاء من حقوق الشركة لدى الوزارة وصرفها لهم مباشرة، فهذا الوطن المعطاء لا يقبل أن يظلم أحد على أرضه أو يحرم من حقوقه كما أن أي غيور على الدين والوطن لا يقبل أن يغير هؤلاء انطباعهم عن أهل هذا البلد المسلم أو يشعرون بضياع حقوقهم فيه.
لا يمكن لنداءات متتالية عبر كل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وعن طريق مئات الآلاف أن لاتصل لأذن ناصح مخلص، لماذا هذه السلبية في التعاطي مع قضية إنسانية تمس آلاف المسلمين المساكين الذين لاذنب لهم أيا كان السبب؟!، نحن لا مصلحة لنا في الكتابة والإلحاح على مطلب كهذا إلا الإصلاح والغيرة على الوطن، فهل يعقل أن نصرخ بأعلى الصوت(هييييه) هل من سامع؟!
خادمة دبلوماسي
نشرت جريدة الرياض أمس الأحد خبرا مفاده أن شرطة منطقة الرياض أجبرت دبلوماسيا سعوديا يعمل في إحدى السفارات بدولة عربية شقيقة على العودة للرياض لدفع مرتبات عاملته المنزلية الإندونيسية التي ادعت أنه لم يدفعها طوال ثمان سنوات.
سعي الشرطة لإعادة المواطن من سفره استجابة لدعوى تلك العاملة عمل جيد إن كان قائما على أساس حكم شرعي بعد تقاضٍ وتنفيذا لحكم شرعي لأن الشرطة في مثل هذه القضية جهة تنفيذية.
السؤال الهام والذي إجابته جيدة هي الأخرى، كم من عاملة منزلية خانت أمانة العمل وتسببت في ضرر لأسرة كفيلها السعودي إما بالسرقة أو الإجرام أو السحر أو الهروب أو رفض العمل بعد تقاضي الأجر أو ضرب الأطفال وتعذيبهم وهي قضايا تشهدها الساحة بصفة يومية، ويخسر المواطن السعودي حقه فيها بتسفير العاملة المنزلية عن طريق مساعدة من سفارتها، بل إن مستثمرين سعوديين صغارا خسروا مئات الآلاف بعد هروب مكفوليهم وسفرهم (رغم تواجد الجواز لدى الكفيل) عن طريق مساعدة من سفارتهم، وأذكر أشهر أمثلة هذه الحالات المنشورة، هم ملاك محطات الوقود حيث يبيع سائق الصهريج حمولته من الوقود ويحصل على المبلغ من محطة أخرى ثم يترك الصهريج الخالي في الصحراء ويسافر، وشهدنا حالات سافر أبطالها من العمالة الأجنبية بعد نهب ملايين الريالات لكن أحدا لم يعدهم!!.
أنا لا أعترض مطلقا على إعادة مواطن من سفرته إذا ثبت شرعا أن عليه حقا لآخر أيا كان لكنني أرجو أن تكون هناك آلية منصفة للجميع يعاد بموجبها كل متجاوز ويعاد بموجبها كل حق لصاحبه، دون تعاطف أو إبراز إعلامي لقضية توحي أن المواطن السعودي هو المخطئ والأجنبي هو من نهب سريعا لإنصافه ففي ذلك جلد لطرف واحد هو ذاتنا.
الدفاع المدني لا يكفي
أوشكت العطلة الصيفية الطويلة على الدخول وهذا معناه أن جهات الترفيه التجارية ستبدأ العمل على قدم وساق لفتح ذراعيها لاستقبال الأطفال في مشاريع تجارية بحتة ينشئها مقاولون غير متخصصين تسمى (ملاهي أطفال)، وهي في حقيقة الأمر مجرد مساحات مؤقتة تحتوي على مجموعة ألعاب ومراجيح و(نطيطات) وبعض الألعاب الكهربائية التي يتم إنشاؤها عشوائيا على مسطحات مواقع المعارض والأسواق المكشوفة (بازار) وبعض المواقع السياحية في المدن والمناطق السياحية وهذه المدن الترفيهية العشوائية تقتل سنويا عددا من الأطفال ولا تكفي المساحة لتعداد الحالات التي تسبب غياب عنصر السلامة في فقدانهم من الأطفال.
مسطحات المقاولين غير المتخصصين المتمثلة في ملاه عشوائية تمديداتها الكهربائية خارجية على سطح الأرض والتي يتواجد فيها أدوات حادة وأرض صلبة تستقبل الأطفال المنهمكين في اللعب ليست وحدها الشكل المؤسف من أشكال عدم الاكتراث باحتياطات السلامة، فحتى مدن الملاهي التجارية الكبرى شهدت حالات موت مؤسفة لأطفال أبرياء لعدم تقيدهم باحتياطات السلامة فقد حدث في العام الماضي وحده حالات محزنة من الوقوع من ألعاب عالية أو أخرى خطرة (قطار الموت) أو (هرس) طاحونة ألعاب لجسد طفل غض كان يرافق مدرسته في رحلة ترفيهية. كل هذا يحدث مع أن الدفاع المدني يشرف على وسائل السلامة واحتياطات تلافي الحوادث، وقد أثبتت الوقائع أن ملاهي الأطفال التي أجازها ومنح ترخيصها تسببت في حالات وفيات ما كان لها أن تحدث لو كان الدفاع المدني لديه الخبرات الكافية في تقييم هذه العناصر والمتخصصين في التنبؤ بإمكانية حدوث الخطر والاحتياطات الصحيحة لتلافيه.
لابد وسريعا جدا أن تتولى جهة مختصة وذات كفاءة عالية في هذا المجال أمر تقويم وإعادة تقويم جميع منشآت الترفيه والمدن الترفيهية القائمة والجديدة، وأن تستعين ببيت خبرة عالمي في مجال احتياطات السلامة، عسى أن تمر هذه الإجازة الصيفية وجميع أزمنة الترفيه وأوقاتها خلال العطلة وأثناء الدراسة دون أن يحدث حادث سببه إهمال الحياة الناجم عن توفير التكاليف.
نتائج التحقيق
لو أجرينا إحصائية سريعة لما ينشر في الصحف من ردود الجهات الحكومية والوزارات على قضايا هامة تتعلق بالمواطن مباشرة، على سبيل المثال التوضيحي، لا الحصر، الإساءة لنزيل دار رعاية من أي فئة أو مراجع دائرة حكومية أو ضحية خطأ طبي أو طفل في مدرسة، تعرض أي منهم لسلوك غير إنساني مستفز للقلوب الرحيمة، وحتى الأقل رحمة ومثير للرآي العام، لخرجنا بنتيجة إحصاء تشير إلى أن ردود المسؤولين لا تخرج عن عبارة (التحقيق في القضية) أو (إحالة الممارسة للجنة تحقيق).
لا أحد يعترض على التحقيق في أي أمر شائك، كما أن التحقيق في أمر واضح مثل الضرب والإهانة والاعتداء أمر مقبول لتثبيت الواقعة وإصدار العقوبة، لكن الملفت أن مئات القضايا من هذا النوع ينتهي الرد عليها بعبارة (التحقيق) ويتوقف مسلسل القضية المثيرة عند هذه العبارة، وكأن التحقيق أصبح هو الغاية والهدف ومسوغ غلق قضية تعاطف معها الناس وتفاعلوا.
كأننا لازلنا شعبا نعجب بكلمة (فلان تحت التحقيق) أو التحقيق مع فلان ونعتبر التحقيق بحد ذاته عقوبة مهينة وكافية!!، هذا غير صحيح، فالناس أصبحت أكثر اطلاعا ووعيا ومطالبات!!، الناس تريد أن تعرف نتائج التحقيق والعقوبات والتنفيذ، وهو ما لا ينشر أو لم ينشر إلا في نسبة ضئيلة جدا من القضايا التي استشهدت بها.
الصحف هي الأخرى يجب أن ترتقي لطموحات الناس ورغباتهم المشروعة فلا تقبل نشر عبارة مخدرة مثل (التحقيق في كذا) بل تشترط انتظار نتائج التحقيق والعقوبات والإجراء الرادع لتنشرها جميعا في وقت واحد فتشفي صدور قوم مؤمنين هم قراؤها وسندها.
قالوا وقلنا
** قالوا: الحكم على طالب جامعي بالعمل 60 ساعة بعد ضبطه مع فتاة في خلوة غير شرعية!!.
* قلنا: طيب والفتاة ؟!!.
**
** قالوا: منع موظفي مكافحة الفساد من استقبال الزوار الشخصيين وإخراج الوثائق!!.
* قـلنا: (الله أكبر وش هالوثائق؟! تكفى يا وكيليكس).
**
** قالوا: ممثلة تترك الفن وتتجه لحراسة المرمى.
* قـلنا: (من جرف لدحديرة).
**
** قالوا: سوق الطيور .. هدايا محبين وتهريب مخدرات.
* قـلنا: ويبيعون المخدرات بالجوز!!.
**
** قال عنوان (عكاظ): الصحة تدعو للإبلاغ عن حالات الغش والاحتيال.
* قلنا: حتى في اللقاءات؟!.
**
** قالوا: نجاة هرة أمضت ساعتين داخل غسالة تدور!!.
* قـلنا: (بس يقولون القطوة من طلعت إلى الآن وهي تدور!!).
**
** قالت وكالة (ي ب أ): كلب لندني يبتلع ثلاث كرات مطاطية وفردة حذاء!!.
* قـلنا: (عندنا كلاب مسعورة تبتلع الحذاء وتحلي بلي كان لابسه!!).
**
** قال رئيس السكة الحديد لـ(عكاظ): لم نتسلم القطارات الجديدة رسميا ويحق لنا التراجع عن الصفقة!!.
* قلنا: لكن هذي صفعة ما هي صفقة!!.
**
** قالت (عكاظ): التحقيق في مقاطع صور مركز التأهيل بالطائف وبدء التحقيق في قضية معوق نجران!!.
* قلنا: ما أكثر التحقيقات وما أقل النتائج!!.
**
** قالت صورة المحطة الأخيرة بـ(عكاظ): قطة تجلس على مكتب السجلات الطبية في المستشفى.
*قلنا: (لو هي من حملة الدبلوم ما جلست)!!.
**
** قال عنوان (عكاظ): أولوية للنساء في 400 ألف وظيفة في قطاع الأسماك.
* قلنا: سنارات مثلا؟!.
**
** قال علماء ألمان إن تناقص الحشرات يقلل تلقيح الحشرات للنباتات وتراجع محاصيلها وهو ما سيرفع سعر القهوة في مناطق زراعتها!!.
* قلنا: (نصدر لهم حشرات بس لا يرفعون سعر القهوة!! منا الحشرات ومنهم القهوات).
الموت بنية الاستشفاء
يأتي الإنسان للمستشفى بحثاُ عن الشفاء ومن هنا جاء اسم (مستشفى) من الاستشفاء وأمل الخلاص من المرض، لا يمكن للمستشفى أن يتحول إلى (أداة) موت إلا إذا ساءت إدارته وعم فيه التهاون، يمكن أن نقبل تجاوزاً وصف المستشفي بـ(مكان) الموت لأن الموت يحدث فيه لعدد من الناس جاءوا إليه للاستشفاء من مرض لا يرجى شفاءه فيموتون فيه لأنه معقل أخر محاولة للتشبث بالحياة يحاولها مسن أو مصاب بمرض عضال أو ضحية حادث خطير.
المستشفى يمكن أن يكون (مكان) موت لكنه لا يصبح (أداة) موت إذا اتخذت كل أسباب الحرص والاحتياط ومحاربة الإهمال وخلاف ذلك فلا غرابة أن يتحول إلى مقبرة تقطف فيها الزهور مثل رزان وجوزاء وسولاف وقائمة لا تنتهي ولن تنتهي طالما أننا أمام وزارة تدافع عن الأخطاء الطبية باستماتة ووزير يوجد للطبيب المهمل عذر المضاعفات وللطبيب المخالف أهش القرارات ويقف في صف الطبيب ضد المريض بعقد ندوة تدافع عن الأخطاء الطبية!!.
المستشفى هو المكان الوحيد الذي يباح فيه الجرح والقطع والبتر وإخراج الدم وإدخال السم بجرعات علاجية إذا زادت قتلت، وهو المكان الوحيد الذي يباح فيه التعريض للإشعاع و(الكيماوي) وحقن المخدرات وتخدير الإنسان وإدخاله مرحلة أشبه بموت مؤقت، وهذا المكان الذي يباح فيه كل ما سبق له احتياطات وإجراءات دقيقة وحسابات غاية في الخطورة وآلات بالغة الدقة وجميع هذه العناصر يقوم عليها بشر يسمون الفريق الصحي والممارسين الصحيين لا يقل أي منهم أهمية عن الأخر ولا يجوز أن يشعر أحدهم أنه أهم من غيره، ولا أكثر حصانة من غيره ولا يجوز أن يشعر أياً منهم أن إهماله مقبول أو أن خطأه سيوارى أو أنه سيدافع عن إهماله في استخدام تلك العناصر المميتة وسوف تعقد له ندوات الدفاع عن الأخطاء الطبية أو المقارنات المغالطة مع دول أكثر تقدماً أو تحويل الإهمال إلى مضاعفة أمام قاضي فئة (أ) لا يستطيع أن يحكم إلا بناءً على معطيات ترده من الخصم دون تمثيل الضحية بمحامٍ مختص يعرف الفرق بين الإهمال والمضاعفة.
تلك العناصر الخطرة والفريق الصحي متعدد التخصصات لا ينفع أن يديره طبيب ولا بد أن تعطى قوس الإدارة لباريها وخبز الإدارة لخبازه وإلا فإن علينا أن نقبل الموت بنية الاستشفاء مثلما قبلنا تزييف الحقائق والتلاعب بالأرقام واختراق موقع ألاستفتاء!!.
رقابة «تويتر»
المتتبع للتاريخ يجد أن الخالق سبحانه وتعالى جعل لكل زمان رقيباً دنيوياً يخشاه من يغفل عن الرقيب الأعلى في أفعاله وأقواله وأدائه لمسؤولياته أو من لا يغفل عن الرقيب الأعلى سبحانه وتعالى لكنه اشترى الحياة الدنيا بالآخرة، فجعل الله في الحياة الدنيا رقيباً مسموعاً من الناس يقوِّم اعوجاج الأعوج ليحمي الناس منه ويتصيد قصور المقصر ليجبره على تحسين الأداء.
في الزمن الذي لم تكن فيه صحافة ولا إعلام قديم كان الشاعر الفحل في الهجاء هو المخيف للمقصر والمقلق للرديء وكان مقياس الأداء كرما وشجاعة وعطاء وعدلا وورعا وكان الشعر الذي يتناقله الركبان هو أداة النقد والتقويم ومصدر القلق ولم يخل ذلك الزمن من شراء شاعر!!..
في زمن قريب جاءت الصحافة المكتوبة الورقية فتولت المهمة عبر أعمدة صحفية وزوايا وكتاب وتحقيقات صحافية ونقل أخبار فكانت هي الرقيب الممثل للناس إلى جانب الرقيب الحكومي طبعاً والذي لم يكن فعالا ولا مصدر قلق تماماً كما هو الآن، ومع ارتفاع صوت الصحافة الورقية وعلو شأنها أدرك كل من علا شأنه هو أيضاً أن لفرس الصحافة فارساً تلعب وحبل الرسن في يديه هو رئيس التحرير فإذا حسنت العلاقة مع بعضهم أمنت كثيراً من سطوة الصحافة أما البعض الآخر فلا يعنيه غير المهنية لأن المهنة صنعته.
في هذا الزمن لم يعد الناس يراهنون على أحد ولا يتركون أمر الرقيب الممثل لهم لشاعر ولا صحافي ولا رئيس تحرير، لقد أتاح لهم «الإلكترون» بالغ الصغر أن يكبروا فأصبحوا يمثلون أنفسهم في «تويتر» و«فيسبوك» و«يوتيوب» وغيره من الروابط وأصبحت عباراتهم وقصائدهم النقدية لا يتناقلها الركبان خلال رحلة تدوم أشهراً بل يتبادلها المتابعون (الفولورز) خلال ثوان، وأصبح لبعض شخصيات (تويتر) و(فيسبوك) و(يوتيوب) متابعون بمئات الآلاف والملايين وهي أرقام تفوق أضعافاً مضاعفة ركبان شاعر أو توزيع صحيفة.
لقد أراد الله سبحانه أن ينذر من غفل عن رقابته برقيب من خلقه يذكره إذا نسي ويعدل اعوجاجه ويشهد عليه خلقه فتضيق عليه دنيا الفساد بما رحبت لعله يصلح قبل أن يفوت الأوان.
لماذا لم تتجاوب الوزارة؟
عندما تتحول الوزارة إلى عنصر جامد لا يعمل ولا يتحرك وأيضا لا يتفاعل مع ما ينشر عنه من حقائق، فإن ثمة خللا في عمل هذه الوزارة، وعندما يتعلق النقد بالوزارة نفسها والقائمين عليها فإننا قد نفترض عذرا لعدم التحرك وعدم الرد وهو عدم وجود رد مقنع أو العناد أو أن تأخذهم العزة بالإثم وجميعها أسباب مردود عليها فليس من حق أي وزارة أن تأخذها العزة بالإثم أو أن تعاند أو تصمت على عيب، لأن ثمة تعليمات صريحة بضرورة التفاعل مع ما يطرح والرد عليه خلال أقل من 15 يوما!!.
الغرابة تكمن في عدم تفاعل الوزارة مع ما يطرح من تنبيه لها ومناصحة ونقد لا يمسها مباشرة بل ينير دربها مع شركة تعاقدت معها وقصرت بما يضر بسمعة الوزارة بل الوطن أجمع، ويشكل خطرا تتسبب فيه شركة أو متعهد لم يحترم العقود ولا هيبة الوزارة ومع ذلك ومع أن النقد ليس نقدا للوزارة بل إضاءة طريق لها إلا أنها تحجم عن التحرك لإنهاء الأزمة وكأنها توافق على تلك التجاوزات من المتعهد أو ترضى الظلم الذي يمارسه!!.
وزارة الشؤون الإسلامية تحتاج إلى وقفة ليس فقط لعدم تجاوبها مع ما كتبت وتداولته مواقع التواصل، وغرد به المغردون عن خدم المساجد الذين لم يستلموا رواتب عشرات الأشهر من الشركة المتعهدة باستقدامهم وصيانة المساجد، وعدم تجديد إقاماتهم وعدم منح المستحق منهم تأشيرة وتذاكر السفر، ليس عدم التجاوب مع هذا وحسب، بل إنني سعيت لإيصال هذه الشكوى عن طريق رجال لهم مكانتهم وتأثيرهم وأهمية سعيهم وتوسطهم، لكن وزارة الشؤون الإسلامية لم تتحرك في هذا الصدد.
خدم المساجد من الجنسيات المختلفة رقم كبير وصعب والتعامل معهم بهذه الطريقة من شركة الصيانة دون حماية من الوزارة أو أي جهة حقوقية قد يجعل صبرهم ينفد وندفع ثمن علاج مكلف لشكواهم تشكل خطرا على سمعتنا، ولا ينفعنا عندئذ لا متعهد مستهتر ولا وزارة.
مكافآت ووسام
من جهة أخرى، فإن الموظف وإن كان يعمل لوجه الله أيضا فإنه يسعد حينما يقدر خلق الله أعماله وحينما يذهب التقدير لمستحقه، وفي المقابل ليس أشد حزنا على الموظف من أن يرى التقدير لعمله المخلص يذهب إلى غيره فقد لا يضيره عدم تقدير عمله لكن التقدير على عمله حينما يذهب لغيره فإنه يصل درجة من الإحباط لا يعلمها إلا الله ثم هو، وغني عن القول إن آلية التقدير في بعض الدوائر الحكومية تحديدا لا ترقى للمستوى المطلوب فيشتكي كثيرون من أن مديريهم ورؤساءهم في العمل يسرقون إنجازاتهم وإبداعاتهم وينسبونها لأنفسهم ويحصلون بناء على ذلك على الجوائز والأوسمة والتقدير، وهذا بطبيعة الحال ليس ذنب الوطن إنما هو ذنب موظف استغل منصبه لسرقة إنجازات وإبداعات موظفيه، لذا فإن علينا أن ننمي روح تقدير العامل في القطاع الحكومي بالبحث عن المخلص الحقيقي ومكافأته بعيدا عن هيمنة وسيطرة ولصوصية رئيسه في العمل وهذا لا يتحقق إلا بوضع آلية محكمة للبحث عن المبدعين ومكافأتهم المكافأة المستحقة.
إذا سار تقدير الموظف الحكومي المبدع على إخلاصه وأفكاره في خط مواز لتقدير المواطن والمقيم المخلص في مجتمعه فإننا سنصل إلى إبداع في العمل الرسمي يوازي إبداعنا في السلوك الاجتماعي، فالمواطن هو المواطن والمقيم هو المقيم.
